بعد سقوط الخلافة الإسلامية العبّاسية في بغداد على سيوف المُنگول (المغول) تفرّقت القبيلة المالكة العبّاسية في أنحاء العالم الإسلامي، وتمكّن بعض أمرائها من تأسيس دول عبّاسية جديدة في مناطق متفرّقة من آسيا وأفريقيا، ومن هذه الدول إمارة بہاولپُور.
بعد سقوط بغداد على يد هَُلاكُ (هولاكو) سنة 1258، وكان جيش المُنگول قد أباد مليونين من أهل العراقين بما فيهم المستعصم الخليفة العبّاسي وأسرته، هرب فرع من القبيلة الهاشميّة إلى السِند عن طريق بَلوشستان، وكانت السند يتنازعها أمراء مستقلّون مماليك وغزنوية دون أن تتبع لأيّ من المملكتين الغورية المملوكية أو الغزنوية.
استضافت عائلات السِند الثريّة فرع الهاشميّين العبّاسيّين وقدّمت لهم الحماية بينهم، خصوصاً وأنّ السند تحمل عداءً شديداً للمنگول (المغول).
في العام 1290 توسّعت الدولة “الخلجيّة” التركيّة لتتحوّل إلى امبراطوريّة، وفي ظلّها نالت الأسرة العباسيّة إقطاعات واسعة في شرق السند.
عقِب الأسرة الخلجيّة أسرة سلاطين “تغلق” التركية على عرش الامبراطورية سنة 1321، وثار أهل السِند على حكم التغالق عدّة مرّات، تمكّن خلالها العباسيّون من تمكين إمارة ذات حكم ذاتي في المنطقة.
سنة 1324 مدّ عبّاسيّي السِند العلاقات بالأسرة العبّاسيّة في القاهرة، في عهد السلطان محمّد تغلق بن غياث الدين.
سنة 1366 هاجر الأمير السلطان أحمد الثاني العبّاسي إلى السِند من القاهرة وانضمّ إلى الأسرة العباسيّة مع المئات من تابعيه. ما أخاف حاكم السِند “رَو ضرَنگ” فأمر الجيش بطرد العبّاسيّين.
انتقلت الأسرة العبّاسية شمالاً إلى مدينة “درور” القريبة من موقع بہاولپُور المعاصره.
سنة 1397 زحف “تيمور لنگ” بمُنگوله على الهند فسقطت دلهي وزالت أسرة تغلق، لتستقلّ الأسرة العبّاسية بقطعتها من شمال السند، تدعمها الجهود الشعبيّة لمقاومة تيمور لنگ، ولتُبق على عدائها لدولة مُغال الهند حتى زوالها.

سنة 1690 توسّعت إمارة العبّاسيّين السنديّة في الپُنجاب، وأخذت الأراضي التي تراها في الخارطة باللّون الأحمر، لكنّها خسرت أراضيها الأصليّة في السند سنة 1746 بفعل احتلال قصير دُرّاني پشتوني.
في منتصف القرن السابع عشر توسّعت أملاك الأسرة العبّاسية شمالاً لتضمّ أراض من إقليم الپُنجاب سنة 1690، بتبعيّة اسميّه إلى امبراطوريّة گورکانیان المُغاليّة الهنديّة، حيث نال أميرها لقب “نوّاب” الفارسي الذي يعني حرفياً “نائب الملك”.
بعد أن عانت احتلالاً قصيراً منتصف القرن الثامن عشر من قبل المملكة الدُرّانية الپشتونيّة، عادت الإمارة العبّاسية إلى استقلالها الكامل سنة 1746 وتوسّعت لتضمّ مدينة “اوچ” التاريخيّة، ولتتّخذ اسم مؤسّسها “نوّاب محمد بہاول خان العبّاسي”، فصارت إمارة بہاولپُور.
عام 1748 شرع نوّاب بہاول خان ببناء مدينته “بغداد الجديدة” ليصبح اسمها فيم بعد مدينة بہاولپُور، ولتصبح عاصمة للإماره.

بداية القرن التاسع عشر نزلت إمارة بہاولپُور تحت حماية امبراطورية السيخ قبل سقوطها تحت الاحتلال الإنگليزي سنة 1833، عقب تلك الفترة فاوضت حكومة الراج البريطاني الأسرة العباسيّة على الاستقلال بإقليم بہاولپُور مقابل التحالف الكامل مع الإنگليز، وتمّ توقيع اتفاقية الاستقلال سنة 1838 ليتحوّل اسمها إلى “إمارة النوّاب”.
سنة 1947 انضمّت “رِیاست بہاولپُور” إلى الاتّحاد المكوّن لدولة پاكستان المطالب بالاستقلال عن الهند، وتقع اليوم شرق پاكستان.

بقيت أسرة آل نوّاب العبّاسيّة مستقلّة بحكم رِیاست بہاولپُور (إمارة النوّاب) إلى أن حلّتها الحكومة الپاكستانية سنة 1955، وتابع على رأسها اسميّاً الجنرال نوّاب صادق محمد خان الخامس العبّاسي حتى وفاته سنة 1966.
ما بين 1942 و1952 شغل منصب رئيس وزراء إمارة بہاولپُور سياسيّون إنگليز بألقاب ملكيّة، وكانت قوّات جيش بہاولپُور هي عماد الجيش البريطاني في فلسطين وشرق الأردن، وساهمت كذلك في شمال أفريقيا خلال الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، أمّا أولى أعمالها في خدمة الجيش البريطاني فكانت إنهاء دولة السيخ وإنهاء مقاومة كابل ووزيرستان واحتلال أفغانستان.

الخريطة خريطة أطلس ممسوحة، النسخة الأصلية منشورة في أطلس صحفيي الهند الامبراطوريين The Imperial Gazetteer of India الصادر عن مطابع جامعة أكسفورد سنة 1908، وتظهر فيها تقسيمات منطقة الپنجاب، ويمكن مشاهدة حدود إمارة بہاولپُور باللون الأصفر جنوب غرب الخارطة.
رأي واحد حول “حكاية إمارة بہاولپُور العبّاسيّة”