المطاعم وشركات صناعة الأغذية حول العالم مولعة بنكهة يابانية المنشأ، تسمّيها شيوعاً الملح الصيني، فما هي مادّة هذه النكهة؟
نكهات الأكل الأساسية المعروفة خمس، هي: الحلاوة، الحموضة، المرارة، الملوحة، والنكهة الخامسة الأُمامي. وكلّنا نعرف ما هي النكهات الأربع الأولى لكن لم للخامسة اسم غريب؟
تسمية أُمامي Umami هي تسمية يابانية معناها (نكهة لذيذة فاتحة للشهيّة) اكتشفها خبير كيميائي ياباني اسمه كيكُناي إيكِدا Kikunae Ikeda وأعطاها اسمها. حيث umai معناها لذيذ و mi معناها نكهة أو فاتحة شهية.
سنة 1908 طبخت لإيكِدا زوجته شوربة مكوّنة من أعشاب كومبُ Kombu البحرية اليابانية، وبينما هو يتعشّى طبخة امرأته لاحظ إيكِدا نكهة لذيذة وأعجبته جدّاً، لكنّه عجز عن أن يعبّر عنها لأنّها لا تشبه ولا وحدة من النكهات الأساسيّة المعروفة آنذاك، لهذا السبب أعطاها اسم خاص بها هو “أُمامي”، وقام إلى المخبر.
إيكِدا فهم أنّ النكهة اللّذيذة هي طعمة حمض الگلوتامين الموجود بالأعشاب البحرية، وقدر على أن يعزلها في المخبر ببلّورات بنّية اللّون هيّ الگلوتامات أحاديّة الصوديوم monosodium glutamate المعروفة صناعياً باسم MSG، وقدرت الصناعة على تحويل لونها لاحقاً إلى الأبيض.
خلال ثلاثينيّات القرن العشرين اثنتين من كبار شركات الكونسروة الأميركية، كامپْبِلز campbells وهاينز Heinz، صارت تستورد بودرة MSG من اليابان لتستخدمها في معلّباتها وصلصاتها، وصارت تبيعها كذلك بشكل ملح تتبيلة، وسوّقت هذه النكهة على أنها النكهة الأروع على الإطلاق والثورة الجديدة في عالم الطبخ الأميركي.
هكذا نشأت سمعة لنكهة MSG في أميركا والعالم. لاحقاً، بعد الحرب العالمية الثانية، بنت شركات أوروبيّة سوق عملاقة بناءً على بودرتها، متل ماجي Maggi وكنور Knorr، لكن البودرة ما انشهرت تحت اسمها الياباني أُمامي إنما انشهرت باسم الملح الصني. ومؤخّراً، وبعد مرور 100 سنة على اكتشاف هذه النكهة وتركيبتها الكيماوية، تذكّرنا اسمها الياباني وتذكّرنا قابليّة هذه المادة على إعادة خلق أسواق جديدة، ورجعنا نكرّر نفس حركات الشركات الأميركية في ثلاثينيّات القرن الماضي.
ومع إحياء استخدام اسم هذه المادة الياباني للتسويق، ظهرت وراءها حملات عالمية تشيطن MSG وتحذّر من أضرار مفترضة على الصحة، وصلت إلى مستوى تسميتها “القاتل الصامت” الذي خلق مرض اسمه “متلازمة المطاعم الصينية”! لكن، أثبتت الدراسات العلمية عدم صحة كل هذه الأساطير والافتراضات، ونحن نأكل هذه المادّة (النكهة) في كلّ أكلنا تقريباً، وما خلقت مشاكل. يعني كلّ الشيپس الذي نأكله، والشوربات الجاهزة، ومكعّبات النكهة وحتى البطاطا المقلية في المطاعم، مرشوش عليها بودرة أُمامي.
لكنّها وكمادة طبيعية موجودة في بعض النباتات بشكل طبيعي، مثلها مثل الملح والسكّر، تؤذي كثرتها كما يؤذي غيابها. والاعتدال في استخدامها هو الحل الأمثل لصحة سليمة. ومن جهتي، أشكر كيكُناي إيكِدا في كلّ مرّة أستمتع فيها بنكهة أمامي لأنّه بادر وعزل النكهة الرائعة سنة 1908.
اترك تعليقًا