في سوريا، يحبّ الناس أكل الشنگليش. أغلب الناس خارج سوريا تعتقد أنّه كرات لبن مجفّف. لكن، في الواقع، هي كرات جُبْن معفّن. رائحتها موت لكن طعمها رائع.

عندي عتب صغير ع اللي عم يكتب اسم الشنگليش بالمنيو الألماني أو الإنگليزي من السوريّين واللبنانيّين، اسمو shinglish أو chenglisch أو shanglysh أو changliesch لكن أكيد أكيد ليست Shanklish … حرف g كتير مهم بالنص.
جبن الـ{شنگليش} هو تراث لقبيلة اسمها {چَنگ} (چَنگ ناگا) وكان هو غذاءها الرئيس، وهذي القبيلة هاجرت في زمن ما واستقرّت في المنطقة ما بين الساحل السوري وحلب، وصارت تصنع مؤونتها وتبيع الفائض للناس، في مقابل منتجات العرب والترك. لا أدري في زمن أي إمبراطوريّة وصلت هذه القبيلة إلى شمال سوريا (المعاصرة). لكن، اشتقّت الناس تسمية الشنگليش من اسم القبيلة چَنگ، وصار شنگليش على السبك التركي. وإن سبكناها على السبك العربي تصبح الشنگيّة (الَچنگيّه).
يقال أنّ قبيلة چَنگ تركيّة الأصل ويقال أنّها مغولية. لكن الواقع أنّ قبيلة چَنگ هي أحد قبائل شعب الناگا، شعب يعود في الأصل إلى منطقة ناگالاند (ناجالاند) أقصى شمال شرق الهند المعاصرة. وتتداول شعوب العالم أسماء مختلفة لهذا الشعب، منها: نوگا، نوغا، نوگاي، هاو، چِن، جين، شين… وغيرها. وشعب الناگا من شعوب جَنُوب شرق آسيا الأصليّة وتعداده اليوم حوالي ثلاث ملايين إنسان، موزّعين مليونين ونصف شرق الهند، و300 ألف في ميانمار، ومئتي ألف في الدول المحيطة. واسم چنگ في لغة الناگا معناه {شجرة شرقيّة} أو {شجرة} فقط، أو {شخص شرقي}.


حسب تراثها ترجع قبيلة چَنگ بأصولها إلى قبيلة اسمها أَوس (أَو) আও নগা تقيم في جبال آسَم شمال شرق الهند المعاصرة. أمّا بقايا قبيلة چَنگ فنجدها في عموم منطقة {ناگالاند} أقصى شرق الهند. وإلى اليوم لم يزل الشنگليش وأشباهه معروفين في المنطقة، وأكلة رئيسة تُصنع من حلب البقر الوحشي، وهي من تراث كامل منطقة شرق الهيمالايا. ويشيع في شعوب هذه المنطقة عادة التخمير من أجل حفظ المؤونة. تخمير كل أصناف الطعام. حتى الفاصوليا والصويا يصنعون منهم إدام (سوص) مخمّر ومجفّف بشكل كرات اسمه {أخُنِ} আখুনি، وبعدها يُحل بالماء في وقت الطبخ مثل الجميد والچشج.
الشنگليش الناگالي عبارة عن حليب مخمّر. ولمنتجات الحليب المخمّر أسماء متعدّدة في منطقة ناگالاند وشرق الهيمالايا بالعموم، حَسَبَ اللّهجات، منها: {داهي} و {موهي} و {غِو} و {چورپي} و {دُضچورپي} و {چُهُ} و {سومر} و {ما} و {فِلُ} و {فيلُ} و {شيوو} وغيرها.

في سوريا المعاصرة وصفات مختلفة لجبن الشنگليش، وكذلك في تركيا ولبنان ومصر والبرازيل حيث يُعرف باسم Chancliche، ويُصنع من حليب البقر أو الغنم. وهي بشكل أساسي 3 مراحل تخمير:
ترويب الحليب ثمّ تحويل الروبة الحامضة إلى قريشة باستخدام الخل > ثمّ > تخمير القريشة حتّى تتحوّل إلى سوركة (مش) > ثمّ > تحويلها إلى كرات وتركها لتجف في غرفة جافّة، وهي مرحلة التخمير الثالثة التي تصنع الشنگليش بالرائحة القويّة والنكهة القويّة كذلك.

عادة ما تُغطى كرات السوركة بمسحوق الفليفلة الحلبيّة أو مجروش زعتر التيم أو الندغ الزعتري. ومن الناس من تكتفي بأكل السوركة دون متابعة عمليّة التخمير إلى الآخر. وتعتبر أنّ كرات السوركة هي الشنگليش النهائي. ويكون في طعمها أثر حلاوة غريبة ولذيذة. ومن الناس من تغمر السوركة في زيت الزيتون وتحفظها في غرفة معتمة، ولزيت الزيتون تأثير بطعم مختلف ونكهة ممزوجة بحموضة الزيتون الرائعة.
تسمية سوركة في سوريا آتية من اللّغة التركية حيث تُستعمل كلمة Sürke اسماً للشنگليش في منطقتي أنطاليا وهطاي. وكلمة سوركة التركية هي تشبيه للشنگليش بجبن تركي آخر اسمه سورك Sürk يُصنع من طريق تسخين الخاثر لإزالة الدُّهْن منه، قبل تحويله إلى جُبْن، والخاثر هنا هو ما يسمّى بالإنگليزية buttermilk، الخاثر في المملكة السُّعُودية وما حولها. ويتداول بعض الأتراك اسم آخر للسورك هو چوكيليك Çökelek. ومن أصنافه جُبْن آخر يسمّى Çökelek peyniri، وهو صنف من القريشة يُعرف في دمشق باسم الجُبْن الشركسي.

ومن الشائع أنّ تعتيق الشنگليش يزيد فيه مضادات الالتهابات والخمائر الطبيعية، التي تفيد في دعم المناعة والوقاية من بعض الأمراض لكونها تحوي تركيز عالي من ڤيتامينات ب.
شخصيّاً أرى أن طعم الشنگليش يشبه طعم جُبْن الروكفور الفرنسي. لكن، البعض من خبراء الأجبان المعتّقة ممّن ذاقوا الشنگليش في بيتي شبّهوا طعمها بطعمة كرات الرّم، وهي كرات هريسة الزبدة منكّهة بخمرة الرم. وهي خمرة مقطّرة معمولة من قصب السكّر (العسل الأسود) ومغطّاة بالشوكولا أو جوز الهند أو الكاكاو. وكرات الرّم عموماً أكلة حلو شائعة في ألمانيا والدول الجرمانيّة بالإضافة إلى هنگاريا وسلوڤينيا وكندا وأميركا وأستراليا ونيوزيلاند.
أعتقد أنّ النكهة المشتركة ما بين الأكلتين هي خمرة العسل الأسود وخمرة القريشة التي فيها تركيز شديد لدهن الحليب. والسمة المشتركة بين الأكلتين هي الحلاوة المدفونة.

اترك تعليقًا