لطالما فكّرت بالموضوع. حين أكون في منتهى الجوع قد أقول {جائع لدرجة أنّني آكل بقرة!} وإذا شبعت وامتلأت أقول {متخم كأنّني أكلت بقرة!}. ترى، ما هي درجة الواقعية في هذه العبارة؟
لو كنت أعيش في زمن الصيد، وخرجت وصدت بقرة، فكم تكفيني قبل حاجتي للخروج وصيد بقرة ثانية؟ طبعاً، مع الوضع في عين الاعتبار أنّني أمتلك كل مهارات وقدرات حفظ لحم هذه البقرة لفترة كافية لاستهلاكها… فكم تكون هذه الفترة؟ لنبدأ الحساب…
ما هو زن البقرة؟
طبعاً يختلف الوزن ما بين بقرة وغيرها، ويختلف الوزن ما بين ثور وبقرة، ووفقاً لمعهد الزراعة والموارد الطبيعية في جامعة نبراسكا لينكولن الأميركية (1)، متوسّط وزن البقر والعجول من المواشي وحسب طريقة التدجين، يتراوح ما بين 665 و 800 كلغ. لذا سأفترض هنا أنّني سآكل بقرة بوزن وسط بين العددين وهو 725 كلغ.
لكن، ليس كلّ هذا الوزن لحم، فإلى جانب ما يؤكل بشكل طبيعي من البقرة، فيها كذلك الجلد والعظام وماء المعدة، وبعض الأحشاء التي لا تؤكل. ووفق جامعة داكوتا الجنوبية الحكوميّة (2) فإنّ ما يؤكل فعلاً من البقرة بشكل طبيعي يتراوح ما بين 62٪ إلى 64٪ من وزنها.
بقرتي هنا (التي صدتها وسآكلها) وزنها 725 كلغ، لذا وبناء على هذه الحسبة سأخرج منها بحوالي 460 كلغ صالحين للأكل.
في الواقع، لن أستطيع أكل هذه الـ460 كلغ كلّها، فلم يزل فيها أجزاء لن أستطيع معالجتها لآكلها بشكل طبيعي، بعضها دهون ستذوب وتضيع، وبعضها عضلات ملآى بالماء الذي سيتبخّر بالطهي، وبعضها بقايا عظمية كذلك. اعتماداً على كمّيّة الدهون والعضلات، سأخرج في الواقع بحوالي 55٪ وبأحسن الأحوال 75٪ من الذبيحة صالح للمعالجة والأكل.
وعليه، فمن الـ460 كلغ سأخرج بـ300 كلغ من قطع اللّحم الخالية من العظم وبقاياه. هذا ما سأقدر على أكله فعلاً من البقرة التي اصطدتها قبل قليل.
في الأسواق عادة تكون حسبة الذبيحة كما يلي:
- 35٪ لحم مفروم ناعم. أي 105 كلغ من ذبيحتي.
- 20٪ شاورما أو شرحات رخيصة. أي 60 كلغ.
- 20٪ شرحات مرتفعة الثمن وستيك. أي 60 كلغ أخرى.
- 15٪ لحم الأضلاع والخاصرة. أي 45 كلغ.
- 10٪ فيليه وموزات وكبد. أي 30 كلغ.
الآن وقد عرفت ما هو الوزن الذي سأقدر على التهامه من فريستي، فكم سيستغرقني الموضوع؟ كم يوماً يمكنني العيش على الـ300 كلغ من ذبيحتي؟
في وجبة من اللّحم فقط، الإنسان قادر على استهلاك ما بين 100 إلى 350 غرام من لحم البقر… وجبة من اللّحم فقط. فإذا ذهبت إلى الحدّ الأقصى وأكلت ثلاث وجبات يومياً، قد أستهلك وفق هذا الحساب 1 كلغ من اللّحم في كلّ يوم. هذا يعني أنّني سأحتاج 300 يوم لاستهلاك فريستي، البقرة، هذا إن لم آكل أي شيء آخر سوى اللّحم.
إذا صمت عن اللّحم يومين في الأسبوع، فهذا يعني 104 أيّام من أيّام السنة الواحدة. ما يبقي منها 261 يوم لاحم. وعليه، فسأحتاج لالتهام بقرتي كاملة سنة وشهر وتسع أيّام.
بناء على كلّ هذه الحسابات، ولأجيب سؤالي الأوّل، كي أعيش من صيد البقر، وإن كنت لا أعرف صنفاً آخر من الغذاء، سيلزمني الخروج مرّة واحدة في السنة لأصيد بقرة، أعيش منها بقيّة السنة، ثمّ أخرج في السنة التالية لصيد بقرة أخرى… وهكذا.
في الحسبة التي حسبت فيها ما يمكنني معالجته من جسم البقرة، وخرجت بـ300 كلغ من 725 كلغ… في الواقع، مصانع اليوم لا تهمل كلّ هذا الكمّ من الوزن، بل إنّها تذيب العظم على حرارة 160 درجة لمدّة ثمان ساعات، لتنكيهه وتعليبه باسم اللّحم المعالج والمرتديلّا… بعض المصانع استطاعت معالجة حتّى جلد البقرة، لصناعة شرائح لحم مزوّرة تباع باردة جاهزة للأكل… وغيره الكثير!
ترى، كم ثمن البقرة؟
المراجع:
1 Randy Saner. Brianna Buseman. 2020. How Many Pounds of Meat Can We Expect From A Beef Animal? https://go.monis.net/3r58uV
2 SDSU Extension. 2022. How Much Meat Can You Expect from a Fed Steer? https://go.monis.net/N7RV8j