مصر, البلاد العربية, تاريخ, شخصيات عامّة

جمال السفّاح

الطاغية الأوّل، صانع أفرع أمن النظام ورائد الاعتقال السياسيّ، وقاتل النهضة العربيّة ومدمّر الصناعات وأنظمة التعليم في “الجمهوريات” العربيّة.

سبع دول عربيّة هي بين أخفق عشر دول في العالم. سبع دول هي الأكثر فشلاً؛ يضخّ إعلامها قصص المؤامرات العالميّة ليل نهار، وهي هذه الدول السبع هي أكبر مصدر للنازحين واللاجئين، تطرد سكّانها إلى العالم أجمع. ثمّ ينهض مواطنيها المساكين بالدفاع عن سفّاحين أوصلوا دولهم إلى هذا الحال الشنيع، والسفّاح الأكبر على رأسهم جمال عبد الناصر.

هذه الدول العربية السبع وبمواردها الاقتصاديّة الهائلة هي أفشل اقتصاديّاً اليوم من هايتي، أفقر دول العالم. وأفشل من بنگلاديش أكبر مصدر للعمالة الرخيصة في العالم. وأفشل من مدغشقر حاملة الدين الدولي الأكبر في العالم نسبة لواردها المحلي. وأفشل من ملاوي التي لا دخل لها إلا من بيع أوراق التبغ فقط.

ماذا فعل النظام السياسي الذي صمّمه جمال عبد الناصر بهذه الدول العربية؟

خلال الأربعينيات وعقب الحرب العالمية الثانية بدأ التعاون العسكري السوري الإيطالي باستيراد مقاتلات فيات G.55 التي اشتهرت بصفتها أفضل مقاتلات دول المحور. تطوّر هذا التعاون لاحقاً لتصبح مقاتلات فيات الإيطالية عماد القوّات الجويّة السورية، ثمّ مع حلول سنة 1950 طلبت سوريا ثلاثين طائرة G.59 أحادية ومزدوجة المقعد، لمصلحة مدرسة طيران سورية. هذا التطوّر دفع شركة فيات لإنشاء مصنع صيانة طائرات في اللاذقية، عُزّزت قدراته لاحقاً لتجميع مقاتلات G.55 في سوريا. تطوّر هذا التعاون سريعاً ليثمر عن إنشاء مصنع لسيارات فيات لمصلحة السوق السورية.

جاءت الوحدة سنة 1958 وتزعّم سوريا جمال عبد الناصر، الذي نقل مصانع فيات من اللاذقية إلى مصر لتصبح سيارات نصر المصريّة، مع سرقة الفرقاطات والغوّاصات السوريّة لمصلحة الجيش المصري، تلك التي فقدها سنة 1967 في حرب مصر وإسرائيل. وخسرت سوريا هكذا فرصة أن يكون فيها مصنع طائرات حربية.

جمال عبدالناصر أهدى لإسپانيا سنة 1968 معبد مصري قديم كامل وهو معبد {ديبود}، الذي كان فى النوبة، فتمّ تفكيكه ونقله وإعادة تركيبه في مدريد! والغريب هنا فيما فعله ناصر أنّه لم ينزل فقط عن تحفة معماريّة وتاريخيّة بل إنّ جريمة عبد الناصر تجاوزت ذلك إذ فرّط بما لا يملكه هو ولا حتّى الشعب في عهده، فذلك من ممتلكات المصريّين في كلّ العصور ولا يستطيع جيل أن ينزل عنه. جمال عبد الناصر وزّع خمس معابد كاملة كانت في النوبة على أصحابه. فبالإضافة لديبود، أهدى لهولاندا معبد طافا عام 1960، وللولايات المتّحدة الأميركيّة معبد دندور سنة 1963، ولإيطاليا معبد الليسيه في 1966، أمّا ألمانيا فكان نصيبها نصف معبد كلابشة سنة 1970.

دمشق كان فيها مصنع للقطارات أسّسته {الجمعيّة العثمانيّة لسكّة حديد دمشق} DHP، وافتتح للعمل سنة 1895 بغية صيانة الخطوط الحديديّة السوريّة والعراقيّة والفلسطينيّة بالإضافة إلى إنشاء الخطّ الحديدي الحجازي، وخطوط مواصلات الترام في دمشق، والقطار السريع لربط ضواحي دمشق وريفها بالمدينة. صُنعت جميع السكك الحديديّة الخاصّة بالخطوط المذكورة في هذا المصنع، كما صُنعت فيه القطارات والقاطرات وعربات الترام، واستخدم للصيانة وإعادة الإنتاج والتطوير.

امتلك حصص المصنع أربعة شركاء دمشقيّين وواحد بيروتي وشركة الخطوط الحديدية البلجيكيّة. وتعهّدت التنفيذ شركة {دويتشه بان} (الخطوط الحديدية الألمانيّة)، بالإضافة لأسهمٍ طُرحت للعامّة اشتراها الناس. أُمّمت الجمعيّة مع تأميم جميع الخطوط الحديديّة السوريّة سنة 1956 وتحوّلت إلى مؤسّسة الخطوط الحديدية السورية CFS. ثمّ أُغلق المصنع تماماً سنة 1960 خلال فترة الوحدة السورية-المصرية، وبقرار من جمال عبد الناصر. ثمّ سلّمت حكومة البعث مؤسّسة الخطوط الحديدية السورية لإدارة الاتحاد السوڤييتي سنة 1965. لماذا يُصدر عبد الناصر قراراً بإغلاق مصنع دمشق للقطارات؟

طالب مؤيدي محمد نجيب بعودة الحياة الديمقراطية والبرلمانية الى مصر ورجوع الجيش وجمال عبد الناصر الى الثكنات، فما كان من القوى الناصرية الى أن سيرت مظاهرات حاشدة تنادي بإسقاط الحرية والديمقراطية ولتحيا الثورة…!؟

هل سمعت بحزب هتف مناصروه في الشارع {تسقط الديمقراطية!}؟

في يوم 28 آذار مارس 1954 خرجت في القاهرة أغرب مظاهرات في التاريخ تهتف بسقوط الديمقراطية والأحزاب المدنيّة، ودارت المظاهرات حول البرلمان والقصر الجمهوري ومجلس الدولة وكرّرت هتافاتها ومنها {لا أحزاب ولا برلمان}، ووصلت الخطّة السوداء ذروتها، عندما اشترت مجموعة جمال عبد الناصر؛ صاوي أحمد صاوي رئيس اتّحاد عمّال النقل، ودفعنهم إلى عمل إضراب يشلّ الحياة وحركة المواصلات، وشاركهم فيها عدد كبير من النقابات العمّاليّة، وخرج المتظاهرون يهتفون {تسقط الديمقراطية تسقط الحرية!}، وقد اعترف الصاوي لاحقا بأنّه حصل على مبلغ 4 آلاف جنيه مصري مقابل تدبير هذه المظاهرات، وأسفرت تلك المظاهرات عن إلغاء كلّ ترتيبات الانتقال الديموقراطي للسلطة في مصر لصناعة الجمهورية المصرية الحقيقيّة.

حدثت تلك المظاهرة في أثناء أزمة آذار مارس 1954 التي لم تكن مجرد صراع علني على السلطة بين محمد نجيب وأعضاء مجلس قيادة الثورة، بل كانت الأزمة أكثر عمقاً، كانت صراعاً بين اتّجاهين مختلفين، اتّجاه يطالب بالديمقراطية والحياة النيابية السليمة تطبيقا للمبدأ السادس للثورة {إقامة حياة ديمقراطية سليمة}، واتّجاه آخر يصرّ على تكريس الحكم الفردي وإلغاء الأحزاب وفرض الرقابة على الصحف وفرض النهج الاستبدادي السلطني في التعامل مع الشعب. هل رأيت في التاريخ بلداً يطالب بالاستبداد ويرفض الحرّيّة؟ هذه فعلتها جماعة جمال عبد الناصر.

التركي-اليوناني أحمد جمال پاشا أعدم 45 صحفي في سنتيّ 1915-16 فألصقنا به صفة السفّاح وتحدّثنا بـ”فظائعه الرهيبة”، وما ألطف جمال پاشا في مقابل زعمائنا العرب! وهذا لا يعني أننّي أمتدح جمال پاشا، على الإطلاق، هذا الپاشا أحد أوغاد القومية الفاشستية. لكنّي، أستهجن الازدواجية العربية، التي لقّبت هذا العسكري العثماني بالسفّاح وتداولته مناهجنا كشيطان مرجوم؛ بسبب إعدامه حوالي خمسين صحفيّ فقط. في ذات الوقت الذي لم يجرؤ فيه صحفي عربي واحد على توصيف أحدٍ ممّن أبادوا الملايين من العرب من بعده بالسفّاح… بالنسبة لي؛ السفّاح هو جمال عبد الناصر، ومثله غيره العديد ممّن سفك الدم العربيّ في المعتقلات والمجازر، وتسبّبوا بنزف حادّ للعقول ولرؤوس الأموال والآمال العربية إلى الهجرة والنزوح.

جمال باشا السفاح
جمال باشا السفاح

لا تدافع عن جمال عبد الناصر، فنتائج أعماله هي مصر اليوم التي تشارك الجزائر المرتبة 105 على مؤشّر الشفافيّة العالمي حيث تعيش الشعوب على الحديد في الحضيض. ونتائج أعماله هي سوريا واليمن والعراق وليبيا التي دعم {ثوراتها} جمال عبد الناصر وأسّس لها مهاد أنظمتها السياسية العسكريّة الفاشلة. لا تدافع عن زعماء مدرسة الحزب الواحد، ومذهب الزعيم الواحد، والزنازين الكثيرة، فخازوق العسكر واحد. ولو أنّ نتائج أعمال أيّ من هؤلاء نفعت الشعوب بشيء غير الإفقار والتجهيل واستجلاب الاحتلال الأجنبي وبأسوأ أشكاله، لكان الواحد قال فيهم على الأقل، أصحاب تجارب.

من يدافع عن عسكري واحد كمن يدافع عن كلّ العسكر، كلّهم جميعاً عصبة مدمّرة حكمت شعوبها بالمجازر وبالمدفع، ونهبت بلادها وفتحتها نهباً حتى صارت على رأس قائمة الدول الأكثر فشلاً، فصار الإنسان منها مداساً في العالم.

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s