, , ,

خرافة القومية السريانية ومحرقتها

الإعلانات

باعتقادك ما الذي بدأ خرافة القوميّة السريانيّة؟

في القرن 19 وقد بدأت إمبراطوريّات العالم باختلاق قوميّات جديدة في موالاتها داخل السلطنة العثمانيّة، صنعت بريطانيا من الكنيسة اليونانيّة قوميّة ومن اليهوديّة قوميّة. في الوقت الذي صنعت فيه روسيا من الكنيسة الأرمنيّة قوميّة كذلك. هنا، سعت فرنسا بدورها المنافس إلى صناعة قوميّات في موالاتها كذلك في المشرق. فسعت إلى تحويل كلّ من الكنيسة المارونيّة، والكنيسة السريانيّة الأرثوذكسيّة وكنيسة المشرق الآشورية، إلى قوميّات جديدة. 

في الواقع، تحويل كنيستي المشرق الآشورية والسريانيّة إلى قوميّة كان مصلحة تدخّل فيها الجميع. فرنسا، روسيا، بريطانيا، ألمانيا، النمسا، حتّى الولايات المتّحدة الأميركيّة تدخلت بدورها في الحِقْبَة ما بين 1840 و 1884. وهذا ما فتح مكاناً لمشروع الدولة الأشوريّة-الكلدانيّة في مؤتمر 1919 الذي قرّر فيه الحلفاء كيفيّة تقاسم غنائم الحرب العالميّة الأولى.

فرنسا التي سبق وحاولت السيطرة على الشام وسلب دمشق من النفوذ البريطاني حين حرّضت كاثوليك دمشق إلى تنفيذ مجزرة قضت على يهودها سنة 1840. اتّبعت ذات الأسلوب في مدن الجزيرة. فإذا تحالفت عشائر مع قِوَى تنافس فرنسا، حرّكت عليها فصائل من غير طائفتها تذبح أبناءها وتبيدها عن الوجود. وهدف فرنسا كان، وإلى جانب إقامة دولة تواليها وتسيطر على أهمّ حقول النفط في المنطقة، السيطرة كذلك على منابع نهري دجلة والفرات. 

في الواقع، لعبت فرنسا آنذاك على وترين، وشاركت في صناعة مشروعين آنذاك، إن فشل واحد كان لها الآخر. والمشروع الثاني إضافة إلى مشروع الوطن القومي الأشوري-الكلداني، كان مشروع الوطن القومي الكردي. لهذا، سلّحت الطرفين، ولهذا تجد اليوم الكثير من منشورات المستشرقين الفرنسيّين الباقية من تلك الحِقْبَة؛ التي تتحدّث في القوميّة الكرديّة والقوميّة السريانيّة على السواء. ولا يوجد منشورات في الموضوع أسبق من منشورات المستشرقين الفرنسيّين.

لتدمير هذا المشروع وبدفع من ألمانيا، ارتكبت فصائل كردية سنة 1915 مذابح واسعة في حقّ السريان معروفة باسم مذابح سيفو. وهذه ما كانت المجازر الأولى ما بين الأكراد والسريان في المنطقة. إذ سبقتها إرهاصات على نطاق أضيق قبل عقود قليلة. 

عقب الحرب العثمانية-المصرية الأولى، وعلى أمل توسيع إمارته سوران، قام الأمير الكردي {محمد الراوندوزي} سنة 1833 بعدّة مجازر استهدفت المسيحيّين واليزيديّين في مناطق الجزيرة الفراتيّة في وقت كان فيه العثمانيّين مشغولين بحملة {محمد علي باشا} في الشام. غير أنّ العثمانيّة سرعان ما أسقط أمارة سوران سنة 1838 وأعادت السيطرة على تلك المناطق.

سنة 1895 اجتاحت ولاية ديار بكر بِرُمَّتها سلسلة من المجازر التي استهدفت الأشوريّين والسريان ورفعت نسبة السكّان الأكراد في الولاية إلى 50٪، سيّما في طور عابدين. استغلّت روسيا هذه المجازر وبدأت بتجنيد واستمالة الأشوريّين والسريان والكلدان من مواطني العثمانية. هذه العمليّات كانت جزء من عمليّات الضغط على السلطان العثماني {عبد الحميد الثاني}، وعلى الأغلب أنّ المخابرات الروسية كانت وراءها، بهدف تخويف المسيحيّين من المسلمين.

سنة 1912 فاز حزب الحريّة والائتلاف الموالي لبريطانيا بالانتخابات البرلمانيّة العثمانية. ما دفع جمعيّة الاتّحاد والترقّي للانقلاب على السلطة سنة 1913 وتشكيل حكومة عسكريّة توالي ألمانيا.

سنة 1914 اندلعت الحرب العالمية الأولى، ودخلتها العثمانية في حلف ألمانيا والنمسا. واستمرّت حتّى 1918.

في نيسان 1915 بدأت فصائل كرديّة بعمليّات إبادة جَنُوب بحيرة {وان} شملت قرى أرمنيّة وأشوريّة وكلدانيّة على السواء، فكان ردّ البطريرك {مار إغناطيوس عبد المسيح الثاني} من القدس في أيّار 1915 التحالف مع الروس والبريطانيّين وإعلان الحرب على الدولة العثمانية (كما فعل العرب). ثمّ توفّى البطريرك في القدس، وتدحرجت كرة المجازر في الجزيرة من بعدها.

عقب الحرب العالميّة الأولى، وفي مقابل مشروع الكولونيل لورنس لتأسيس مملكة هاشمية للأمير {زيد بن الحسين} في الجزيرة، طرحت بعض الجهات الفرنسيّة مشروع تأسيس وطن قومي للأشوريّين والكلدان، وناقش المشروع وفد فرنسي في مؤتمر پاريس للسلام سنة 1919. وكانت هذه الخريطة أدناه هي خريطة المشروع المقترح لحدود ما سُمّي آنذاك بالأمّة الأشوركلدانية… طبعاً هذه تسمية تستند إلى جهل عميق بالتاريخ. ما يوضح ماهيّة المشروع القومي. لكن، لو وافقت بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية على المشروع لكان هذه حدود دولة مسيحيّة في المنطقة، تحكمها أقلّيّة تضطهد الأغلبيّة، كحال معظم دول الشرق الأوسط المعاصرة.

Carte ethnographique et politique de la nation assyro-chaldéenne
Carte ethnographique et politique de la nation assyro-chaldéenne

بكلّ حال، أتت نتائج مؤتمر پاريس سنة 1919 رافضة المشروعين البريطاني والفرنسي، وتفوّق المشروع الأميركي القاضي بتشكل جمهوريّة تركيّة. وجرى تقسيم الجزيرة ما بين الدول الثلاث: العراق وسوريا وتركيا.

عنوان الخريطة من مصدرها: خريطة إثنوغرافية وسياسية للأمّة الآشور-كلدانية

Carte ethnographique et politique de la nation assyro-chaldéenne

المصدر Bulletin du Comité de l’Asie française, 1920

نظّفت أثر التقادم على الورق باستعمال فوتوشوپ.

الإعلان
الإعلانات

صورة أفاتار مؤنس بخاري
الإعلانات

تعليقات

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

الإعلانات

إنشاء موقع إلكتروني أو مدونة على ووردبريس.كوم

%d مدونون معجبون بهذه: