في الشام يقال عن القرية {ضِيعة} وقد يفاجئك أنّ هذه الكلمة البسيطة من أقوى الأدلّة على ترابط التراث اليماني-الشامي القديم.
و{ضِيعة} هي بكسرة تحت الضاد وليست بفتحة. وعلى عكس الشائع لا علاقة لمعناها بالضَيَاع. فتأصيلها يعود في الواقع إلى كلمة مشتركة في السبئيّة والجعزيّة القديمة هي {ظيعوت} (ظيعات) ፂኦት/𐩼𐩺𐩲𐩩. وهي صيغة جمع معناها هو: الأراضي المنخفضة (الوضيعة) والمراعي.
في عربيّة اليوم تشمل معاني كلمة ضِيعة على: قرية، سهل مراعي، مروج، مُلكيّة زراعيّة، سهول زراعيّة، عزبة، جزء من بلدة، ضاحية، جزء من مدينة، مخيّم وسط المراعي.
كم هو عمر كلمة ضيعة في الشام برأيك؟
مكتشف هذا التأصيل هو اللّغوي الألماني گيورگ فرييتاگ Georg Freytag المتخصّص باللّغة اللّاتينية. وحقّقه سنة 1835 في مساعيه لتأصيل كلمة aldea اللاتينيّة، فظهرت بين يديه ذات أصل عربيّ.
تسرّبت كلمة ضيعة بشكلها اللاتيني aldea إلى اللّغات الكتلانية، واللادينية، والإسپانيّة القديمة، والپرتغالية، والأستوريلونية… وهذا التعدّد دليل على سعة استعمال كلمة الضيعة في المناطق اللّاتينية. ترى هل انتقلت هذه الكلمة السبئيّة إلى اللاتينيّة من الشام؟ أم من السبئيّة مباشرة؟
لاحقاً في عهد إبيريا الإسلامي، تسرّبت كلمة ضيعة من العربيّة إلى الأراگونيّة مباشرة بشكل aldeya وإلى الپرتغالية بشكل aldeia وإلى كريوليّة {الرأس الأخضر} بشكل aldêa.
هذه التفاصيل الصغيرة هي كالحبكة بين أعضاء الجسد الواحد.

وثّق اللّغوي الألماني گيورگ فرييتاگ Georg Freytag تأصيل الكلمة في الصفحة 34 من الجزء الثالث من معجمه: Lexicon arabico-latinum praesertim ex Djeuharii Firuzabadiique et aliorum Arabum operibus adhibitis Golii quoque et aliorum libris confectum
لاحقاً أعاد تحقيق تأصيل فرييتاگ سنة 1910 مستشرق ألماني اسمه تيودور نولديكه Theodor Nöldeke، ونشره في الصفحة 59 من كتابه Neue Beiträge zur semitischen Sprachwissenschaft
سنة 2009 نشر الپروفيسور الألماني شتيفان ڤينينگيه Stefan Weninger في الصفحة 403 من كتابه Der Jemen als lexikalisches Ausstrahlungszentrum in der Antike
اترك تعليقًا