عند بعض العرب تقال كلمة وايد بمعنى كثير، وتقال كذلك إشارة إلى سَعَة المكان.
وايد صفة أصلها واجِد، وأُبدِلت جيمها ياء بلهجة تميم، وقد يكون أصلها وايد وأُبدلت ياءها جيم بعجعجة قضاعة. وإبدال تميم صنّفه البعض باسم اليأيأة وصنّفه آخرون باسم الويم، وهو كذلك من اللّهجة المعينيّة القديمة، وينتشر حيث انتشرت لهجات معين، التي يصنّفها بعض اللّغويّين الغربيّين باسم الأحسائيّة.
أمّا كلمة واجد فتعود باندراجها بين العرب بمعنى كثير إلى ظروف حياة العرب الرُحّل المتخصّصين بتربية وتجارة الإبل. إذ كان هؤلاء العرب يطلقون على الواحات المخضرّة تسمية الواجدة. أي ذات الوفرة، ففيها الكلأ متوفّر؛ موجود بكثرة. ونقل ابن منظور في كتابه لسان العرب عن وَعْلةُ الجَرْمِيُّ قوله: {وإِنما كَثُرَ ذَلِكَ فِي أَشعارهم لأَنهم كَانُوا يَنْتَجِعُونَ أَيّام الكَلإِ فَتَجْتَمِعُ مِنْهُمْ قَبَائِلُ شَتَّى فِي مَكَانٍ واجد، فَتَقَعُ بَيْنَهُمْ أُلْفَةٌ، فإِذا افْتَرَقوا وَرَجَعُوا إِلى أَوطانهم ساءَهم ذَلِكَ.}
وكلمة {واجد} في كلام الجَرْمِيُّ هنا تعني المكان الواسع موفور الخير، لكلأ الإبل. وكان يشرح قول نَهْشَلُ بْنُ حَرِّيّ: إِنّ الْخَلِيطَ أَجْدَوا الْبَيْنَ فَابْتَكَرُوا، واهْتاجَ شَوْقَكَ أَحْداجٌ لَهَا زُمَر.
وهكذا، باستعمال بعض العرب كلمة واجد اسماً أو صفة للمكان كثير الخير، صارت مع الوقت تُستعمل بمعنى كثير تشبيه لهذا المكان، الذي يتنادى إليه مربّي الإبل في موسم معيّن. وطالما أنّ المعينيّة وتميم يقلبون الجيم ياء فقد صارت على ألسنتهم وايد، ولم تزل إلى اليوم بين العرب.


اترك تعليقًا