من أكلات الأرز التي تكثر على موائد العرب في رمضان؛ المنسف والمندي والمظبي والكبسة والبرياني والزربيان والمقلوبة
- منسف اسم مبني على طريقة التقديم
- مندي اسم مبني على طريقة الطبخ
- مظبي اسم مبني على طريقة الطبخ
- كبسة اسم مبني على طريقة الطبخ
- برياني اسم مبني على طريقة الطبخ
- مقلوبة اسم مبني على طريقة التقديم

تسمية المنسف ما كانت في الواقع تسمية لوصفة من الأساس، إنّما تسمية للطبق المستعمل لتنسيف القمح، ولمّا صارت وجبات الأرز تقدّم في المناسبات بعد صبّها مكوّمة في منسف تنسيف القمح، صارت الناس تقول منسف كبسة، منسف مليحي، منسق قوزي، منسف شاكرية… وهكذا. ثمّ تراجعت الكلمة الثانية مع اعتياد الناس لوصفة محدّدة تحمل اسم المنسف. مع ذلك، تبق لكل واحدة من قبائل العرب وصفتها الخاصة من وصفات المنسف وقد تتباين الوصفات بشدّة.


مندي كلمة حضرمية تقابلها في الفصحى كلمة مُندّى، أي غنيّ بالندى. وذلك بسبب تعريق اللّحم ونداه بالدهن على ما هو تحته. في الأصل يُطبخ المندي بكبش 7 كلغ وفريك. وله أفران خاصّة تُبنى تحت الأرض وتسمّى أفران المندي، يعلّق فيها الكبش مسلوخاً مقلوباً بسيخ مصلّب مغروس من الرقبة إلى الإلية، وتحتها وعاء طبخ كبير فيه الفريك أو الأرز، ليجمع كل الدُّهْن المتساقط عن اللّحم. ويطمر غطاء الفرن بالتراب ويترك لثلاث أو أربع ساعات، ويقدّم بعدها اللّحم في المنسف على وسادة من الفريك أو الأرز المندّى… اليوم يعدّ المندي بالدجاج في أفران منزلية وتضاف له خلطة بهارات المندي ويسمّى مندي! لكن، هذا الطبق لا يُطبخ في البيوت ولا بلحم الدجاج ولا يمكن تسمية طبيخ البيت منه مندي.

المظبي أصلها المضبي، لكن بسبب عادات أحرف الإطباق عند العرب أُبدلت الضاد ظاء.
اللّحم المظبي هي تقنية شيّ اللّحم، وهي تقنية بدوية، بحيث تحمّى الحجارة النهرية على الفحم ثم توضع قطع اللّحم على الحجارة الحامية فتشويها وتُضبي (تحمرّ من الحرارة).

وفي الأصل كان البدو يشوون اللّحم على حجارة المرو البيضاء المحمّاة بالشمس… ويتبّل اللّحم وهو على الحجارة بخلطة من العسل وطحينة السمسم (الجلجلان) أو العسل فقط، ويقدّم في الأساس مع الخبز والشاي… لكن حديثاً صارت تقدّمه المطاعم مع الأرز.
اليوم، يمكن إعداد المظبي في البيوت باستعمال مشواة حجرية منزلية، تقدّم منها الصناعات أنواع ومقاسات مختلفة. وأكثر البلاد اهتماماً بهذه التقنية المعاصرة هي اليابان.

يقول خالد الأزهري في كتابه {شرح التصريح بمضمون التوضيح في النحو} أنّ العرب كثيراً ما تُبدل ما بين أحرف الإطباق، وهي: الصاد والضاد والطاء والظاء، وهي جميعاً حروف أصلها التاء وتبدّلت إلى أحرف الإطباق على طريقة تاء الافتعال، ويُبدّل العرب ما بينها لأنّها جميعاً من أسرة واحدة، ينحصر فيها الصوت ما بين اللّسان وما حاذاه من الحنك الأعلى.

الكبسة في الأصل تسمية لوصفات عديدة تُصنع جميعاً بطريقة طبخ واحدة، هي كبس اللّحم بالأرز وغيره من المكوّنات في قدر معدني (طنجرة)، لذلك قد تسمع كبسة دجاج وكبسة لحم وغيره… ويُعتقد أن ابن سينا قد استقى تقنيّة الكبسة في القرن 11 لمنح وسط آسيا وصفة الپيلاف أو الپلوڤ المعروفة اليوم باسم الرز البخاري بكل تنويعاته… لأنه كذلك يُطبخ في أوزبكستان وما حولها بطريقة الكبس. والتراث الأوزبكي يعترف لابن سينا بأنّه أبو الپلوڤ الذي اعتاد طبخه في بيته (مزرعته) في أفشان وتقديمه للناس.


البرياني وصفة اسمها الأصلي هو رز برياني، نشأت في دولة كان اسمها حيدرآباد وسط الهند. والبرياني تطوير لوصفة الپيلاف (الپلوڤ) التركستانية التي أدخلها أمراء سلطنة دلهي التيمورية إلى الهند. وما تطوّر في هذه الوصفة ومنحها اسمها هو استعمال ورق الغار. إذ صارت الناس تنكّه الأرز بتبخيره على طبق من القش مفروش بطبقة من ورق الغار. اسم ورق الغار المستورد من بنغلاديش في حيدرآباد كان بريان، وعنه نشأت تسمية رز برياني أي رز منكّه بالغار البنغالي، لموائد ملوك حيدر آباد.
انتقلت وصفة رز برياني إلى اليمن، بسبب علاقة التجارة الكثيفة ما بين آل نظام المُلك ملوك حيدر آباد وعدن والمخا. ونشأت وصفة البرياني اليمنية التي اختفى منها لاحقاً استعمال الأرز المنكّه بالغار (المستورد من حيدر آباد) فاستعاض عنه أهل اليمن باستعمال خلطة توابل محلية تعوّض ذلك النقص في النكهة. مع المحافظة على تسمية رز برياني.

زربيان مجرد تحوير لتسمية رز برياني… وصفة البرياني اليمنية ذهبت إلى حيدرآباد، وفيها تحوّرت الكلمة إلى زربيان (للتمييز عن رز برياني) ثم عادت إلى عدن التي طوّرت وصفة حيدرآباد الثانية للخروج بزربيان اليمن مع المحافظة على التسمية.

المقلوبة في الأصل كبسة، ومن عاداتها الأم أن تُطبخ في قدور صغيرة (طناجر من الحديد الزهر). ويُعتقد أنها نشأت في العراق (أهل الباذنجان)، لكن من تبنّاها بشدّة ومنحها شكلها المعاصر هم بدو التركمان في أذربايجان، ثم عادت وانتشرت في منطقة الشام لتحمل اسم مقلوبة. وفي وصفتها الخاصة تُفرش القدر بشرائح من الباذنجان المحلّى بالملح قبل وضع اللّحم ثم كبسه بالأرز. وبعد انتهاء الطبخ تُقلب القدر على وعاء التقديم (السلطانية) لتبدو كأنّها مغلّفة بالباذنجان بشكل جميل وأنيق.
لا بدّ أننا انتبهنا إلى حقيقة أن ولا واحدة من هذه الأطباق نالت اسمها بسبب مكوّناتها (عدا البرياني)، إنما التسمية هي لتقنية الطبخ أو التقديم… فهي تقنية، طريقة، وليست وصفة واحدة ثابتة.
اترك تعليقًا