في فترة حياتي في برلين انخرطت في نشاط مدني لتغيير اسم شارع يحتوي على كلمة مُوري في اسمه. والسبب أن كلمة مُور في اسم الشارع تشير إلى العبيد المغاربة وتذكّر بأنّ هذا الشارع كان سوق العبيد المستوردين إلى برلين. ونجحت مساعي الناس وغيّرت البلدية اسم الشارع.
لكن، بقيت مسألة كلمة مُور تشغل بالي. فلماذا كان العبيد مغاربة؟ ومتى كانت الحال عدائية بين ألمانيا والمغرب؟ وأين هم هؤلاء المغاربة اليوم؟ ثم بحثت، وبعد قراءات كثيرة خرجت بحقائق أفظع من الصورة التي تعبّر عنها تسمية سوق العبيد في برلين.
تركت في المذيّلة قائمة بالكتب التي خرجت منها بمعلوماتي هذه، وإليك الخلاصة:

خلال العصر الحديث المبكّر ما بين القرنين 16 و 19 قام الأوروپيون باستعباد مواطنين عرب ومسلمين من الإمبراطورية العثمانية وأجزاء أخرى من الساحل الجنوبي للبحر المتوسط شمال أفريقيا، ولا سيما خلال فترات النزاع والحرب. تمّ بيع العديد من هؤلاء الأفراد في أسواق في أنحاء أوروپا والعالم الجنوب الأوروپي للعمل كخدم في المنازل أو على المزارع.
خلال القرن 16 مثلاً، 8% من سكّان إشبيلية كانوا عبيد مسلمين (مور) في بيوت مسيحيين إسپان.
كل هؤلاء نالوا تسمية المور، فصارت الكلمة تشير إلى العبد المسلم أو العبد العربي، دون ضرورة لأن يكون فعلاً من المغرب. وكان تجّار الرقيق الإسپان والپرتغاليين والإيطاليين هم المصدر الأول لهؤلاء العبيد، ثمّ يباعون في أسواق رئيسية هي البندقية و جنوى و مرسيليا، ليجري توزيعهم عبر شبكة تجارة العبيد في دول غرب أوروپا المختلفة.

من الصعب تقدير العدد الدقيق للأشخاص الذين تم اقتيادهم على هذا النحو، ولكن تشير بعض التقديرات إلى أنّ العدد يتراوح بين العديد من مئات الآلاف إلى مليوني شخص. وتراجعت هذه الممارسة بشكل كبير بحلول القرن التاسع عشر، على الرغم من استمرارها في بعض المناطق وبعض الأشكال لعدة عقود إضافية.
إذ مع منع القوانين الأوروپية للعبودية، قام مُلّاك العبيد بتغيير الحالة القانونية لعبيدهم بإجبارهم على توقيع عقود سخرة Indentured servitude ينال بموجبها العبد مواطنة البلد الأوروپي والحرية بعد انقضاء فترة خمس إلى عشر سنوات من العمل بالسخرة، مقابل الغذاء والمنامة.

ما يشغل بالي اليوم هو أين ذهب هؤلاء الملايين من العرب المستعبدين؟ هل ذابوا في مجتمعات المدن غرب الأوروپية؟ هل نجد أنسالهم اليوم أوروپيين لا يعرفون أنسابهم؟
كتب مهمّة في هذا السياق:
1. White Gold: The Extraordinary Story of Thomas Pellow and North Africa’s One Million European Slaves للكاتب Giles Milton. يوفر هذا الكتاب حسابًا مفصلاً لتجارة الرقيق البربرية، التي تضمنت انتهاك حقوق الكثير من الأوروپيين، بما في ذلك الأفراد من الإمبراطورية العثمانية.
2. The Ottoman Slavery System and the Role of the State للكاتب أديم أولميز Adem Ölmez. يوفر هذا المقال نظرة عامة عن نظام العبودية العثماني ودور الدولة في الاستغلال الشخصي.
3. The Enslavement of Ottoman Subjects by Europeans from the Fifteenth to the Nineteenth Century للكاتب ألكسُس شيُنگ Alexius Cheung. يوفر هذا المقال نظرة شاملة عن استعباد المواطنين العثمانيين من قبل الأوروپيين خلال العصر الحديث.
4. Slavery and Islam للكاتب جوناثان براون Jonathan A.C. Brown. يوفر هذا الكتاب نظرة عامة عن تاريخ الرق في العالم الإسلامي، بما في ذلك الإمبراطورية العثمانية.
5. The Transatlantic Slave Trade: A History للكاتب جيمس راولي James A. Rawley. بينما يركّز هذا الكتاب بشكل أساسي على تجارة الرق عبر الأطلسي، إلا أنه يوفر سياقًا هامًا لفهم التاريخ العام للرق والعمل القسري في جميع أنحاء العالم.
اترك تعليقًا