هذا الحيوان اللّطيف الجميل هو الحصني (الحصيني)؛ ثعلب العربية الأحمر… ثعلب جزيرة العرب. وتمتلئ النقوش القديمة برسوماته، وكثيرة جدّاً القصص والحكايا التي تذكره مضرباً للمثل، إلى جانب حيوان الفنك، الثعلب العربي شمال أفريقيا.
تتكيّف الثعالب الحمراء العربية Vulpes vulpes arabica بشكل جيد مع بيئتها الصحراوية، وهي حيوان ليلي عموماً، تنام نهاراً في جحورها وتخرج في الليل للبحث عن القوارض والأسماك والحشرات والزواحف.
تعيش الثعالب الحمراء العربية منفردة، باستثناء فترة التكاثر، حين يعيش كلّ زوج منها معاً لفترة قد تمتدّ من كانون الأول ديسمبر حتى آذار مارس، وتنتهي بالافتراق بعد ولادة الصغار. ثم تربّيهم الأنثى منفردة بين 6 و 12 أسبوع… يهرب الذكر مع أوّل واع 😂
على الرغم من صيده للحصول على فروه في بعض المناطق، أو كنوع من الآفات الرياضية وتسالي المستبطرين. مع ذلك، تبق قدرة الثعلب العربي الأحمر على التكيف مع البيئات المعدّلة من قبل الإنسان، مثل الحقول الزراعية والمناطق الحضرية.
وقد نجحت بعض العائلات باستئناس هذه الثعالب الحمراء العربية الجميلة وتدجين صنف لعوب أليف منها.
هذا الحيوان الجميل من أكثر الحيوانات العربية إثارة للاهتمام في مجال علوم الأحياء، ولا يقتصر الموضوع على جماله البديع فقط. بل لتراثه كذلك علاقة بإثبات عروبة شمال أفريقيا وبقرون طويلة تسبق الإسلام، وسأخبرك بالسبب. فهذا هو الفِنِك والفَنَك، الفينيق، الحصيني الأفريقي، الزردة (الذهبي) وثعلب الصحراء.
طوال ٢٥٠٠ سنة وإلى اليوم يتجادل العلماء في تصنيف الفنك، هل هو كلب أم ثعلب، أم يستقلّ بتصنيف خاص به. في أيام الرومان صنّفه بعض العلماء باسم الثعلب الذهبي Vulpes zerda بناء على شكله، لكنّ علماء آخرين رفضوا هذا التصنيف لاختلاف سلوك الفنك عن عادات الثعالب؛ فصنّفوه بسلالة مستقلّة تحت اسم الزردة الفنيقيّة Fennecus zerda (زيرده فينّيقُس). والموطن الطبيعي لهذا الحيوان الصغير هو صحراء شمال أفريقيا وسيناء، ولم يعش طبيعياً خارج هذه البلاد، ولم يعبر البحر الأحمر.
يكثر ذكر ثعلب الفينيق، الفنق؛ في الشعر العربي القديم والأسطورة العربية، ففي الشعر العربي يُعرف باسم “النوّار” و “النوّاري”، ويتناسب هذا الاسم مع الفنك الذي يتمتّع برؤية ليلية ممتازة، تُمكّنه من الصيد في ظلام ليل الصحراء.
ويحتلّ ثعلب الفينيق مكانة هامّة في الخرافة والأسطورة الدينية العربية. فبعض الثقافات العربية تعتقد أن لثعلب الفينيق قوى سحرية ترتبط بالخوارق. وفي بعض القصص، يقال أنّ ثعلب الفينيق يستطيع رؤية والتواصل مع أرواح الموتى الهائمة بين الأحياء.
بالإضافة إلى صفاته الخياليّة، يحظى ثعلب الفينيق بقدر كبير من القيمة في التراث العربي بسبب جمال فراءه. فالفراء الذهبي الناعم والكثيف لثعلب الفينيق مرغوب لصنع الملابس والإكسسوارات التقليدية، مثل معاطف الملوك والأثرياء، والقبّعات والأوشحة.
يحتلّ ثعلب الفينيق، الفنق، مكانة مهمّة في التراث العربي، سواء كرمز للأهمية الروحية أو كمورد عملي للبيئة الصحراوية القاسية. ولو ما كانت بلاده عربية في ذلك الزمن القديم لما احتلّ هذه المكانة العالية في التراث العربي، ولا كان افتخر به عربي. وشكراً للجزائر على جهودها المعاصرة لحماية هذا الحيوان الجميل من الانقراض.
مدوّنة البخاري 
اترك تعليقًا