الإعلانات
, ,

إمامة القوقاز

بعد احتلال الروس لشمال داغستان سنة 1826 تشكّل تحالف ما بين داغستان وچيچانيا (الشيشان) لمقاومة الغزو الروسي لشمال القوقاز، أفضى التحالف إلى تأسيس دولة إمامة القوقاز. اتّخذت الإمامة عاصمة لديوانها مدينة ڤِدِنه Ведено الواقعة اليوم شرق چيچانيا. اعتمدت إمامة القوقاز اللّغة العربية لغة رسمية ولغة تعليم، واتّخذت الإسلام الصوفي النقشبندي ديانة رسمية.

في الواقع، جمعت الإمامة ما تبقّى من خانية الآڤار (الأوار) التركية التي كانت قد تأسّست مطلع القرن 13. والآڤار في الأساس خانية للترك المسيحيّين على الكنيسة الجورجية الأرثذكسية.

سنة 1218 تعهّد الآڤار بدعمهم لخوارزم شاه علاء الدين محمد الثاني في حرب المغول، وانتهت هزيمة الشاه بلجوئه إلى أراضي الآڤار ثمّ إلى جورجيا.

سنة 1220 طاردت فصائل المغول شاه خوارزم إلى القوقاز ما قاد إلى سلسلة من الهجمات التي هُزمت فيها الجيوش الجورجية والآڤارية والأرمنية مجتمعة.

سنة 1226 دمّرت الهجمات المغولية مملكة جورجيا بشكل كامل فانفرطت، ونشأت عن هذا الانفراط خانية الآڤار التي تأسّست من مدينة ”حُمراي“، وهي اليوم قرية خونزخ Хунзах في داغستان.

سنة 1236 بدأ الغزو المغولي الكامل للقوقاز وشرق الأناضول، واستمرّ حكم المغول في ثلثيّ جورجيا حتى 1335.

سنة 1241 نزلت خانية الآڤار تحت احتلال من طرف مغول القبيلة الذهبية، دام أكثر من خمسين سنة، ثمّ عادت وتحرّرت من جديد وتابعت حياتها مسيحية إلى أن نزلت تحت الهيمنة الاقتصادية العثمانية في القرن 16. ثمّ في القرن 17 تحوّل أغلب الآڤار إلى الإسلام وبقيت الخانية بحكومتها مسيحية، التي تحوّلت بدورها إلى الإسلام الذي أصبح خلال القرن 18 ديانة للدولة، فتغيّر اسم البلد إلى داغستان (بلد الجبل).

سنة 1741 حاولت الدولة الأفشارية فتح داغستان فقاومت وانتصرت، ما عزّز المزيد من استعادة وحدة أراضي الخانية القديمة. لكن، سنة 1803 اختلف ”خانات“ داغستان على السلطة فاستعان واحد منهم بالدعم الروسي، وفرض بأمر الروس ضرائباً عالية على الشعب دمّرت شعبيّته. أخيراً مع تسليم السهول شمال البلد للروس؛ ثار الشعب بقيادة الإمام غازي سنة 1826 وتحوّلت الدولة إلى إمامة القوقاز.

في الواقع، دفع الخطر الروسي الآڤار إلى اعتبار الإسلام كجزء من الهوية القومية. فتحوّلت جميع القبائل القوقازية الباقية على التنگرية والشامانية وغيرهم كذلك إلى الإسلام. هذا الحال دفع ميول الشعب لتقبّل ثورة الإمامة ولرؤيتها بمثابة حلّ لمقاومة الغزو الروسي وإنقاذ الهوية الآڤارية.

خارطة إمامة القوقاز في القرن 19
خارطة إمامة القوقاز في القرن 19

أدار دولة الإمامة مجلس عسكري سُمّي الديوان وتكوّن أعضاءه من نوّاب عسكريّين ومشايخ إسلاميّين وطلّابهم. والمجلس ينتخب الإمام. وتشكّلت الإمامة من تحالف اتّحادي جمع سبع إمارات قوقازية؛ أكبرها داغستان وچيچينيا (الشيشان). اللّتين وسّعتا التحالف ليضمّ سريعاً إمارات القُمُق والدارجين (الدارگين) واللّزجين (اللزگين) وتبَساران ولاك والأديغا الشرقية. وجميعهم من الترك المسلمين السنّة؛ ما عدا اللاك فهم من الجورجيّين المسلمين.

وبعد وصول التوسّع العسكري إلى إمارات القبردين والأوسيتييّن (الإمارتين في جنوب الإمامة) رفض سكّان هاتين الإمارتين الخضوع للإمام، وكانت فيهم نسبة عالية من المسيحيّين الذين استنجدوا بالروس، فتحرّك الجيش الروسي بحجتهنّ لاحتلال الإمامة. والرغبة الروسية الحقيقة كانت بسط النفوذ شمال القوقاز؛ وقد سقطت جورجيا تحت حكم القيصر منذ 1801. بالإضافة إلى الرغبة بالانتقام من الأئمّة الذين طردوا النفوذ الروسي عن خانية الآڤار (داغستان).

انهزمت الإمامة أخيراً سنة 1862 فاستسلم إمامها وانحلّ الديوان. واستمرّت المقاومة حتى 1864 حين سقطت داغستان كلّها منهية بذلك حياة خانية الآفار؛ بعد حياة دامت ست قرون. وعلى الرغم من سقوط الإمامة إلّا أنّ المقاومة الشعبية استمرّت تحت اسم إمارة شمال القوقاز (الإمامة الرابعة) في حرب طويلة دعمتها تركيا حتّى سنة 1918، ثم سقطت الإمارة سنة 1921، حين قمع الجيش السوڤييتي ثورتها وغيّر تسميتها إلى جمهورية الجبل الاشتراكية السوڤييتية ذات الحكم الذاتي Го́рская АССР، ثمّ حلّها سنة 1924 وقسّمها إلى خمس أوبلاست.

بالخلاصة، دامت الإمامة 40 سنة تبعتها 57 سنة من المقاومة. مجموع سنوات حروب المريدين وحروب الإمارة 97 سنة.

الإعلانات

تبرّعك يساعدنا على الاستمرار، ويدعم تطوير هذا المحتوى العلمي

مرة واحدة
شهري
سنوي

تبرّع لمرّة واحدة

تبرّع شهريّاً

تبرّع سنويّاً

اختر المبلغ

€5.00
€15.00
€100.00
€5.00
€15.00
€100.00
€5.00
€15.00
€100.00

دعمك لنا مفيد جداً.

شكراً جزيلاً لدعمك.

نقدر على الاستمرار بفضل دعمك.

تبرّعتبرّعتبرّع

تعليقات

أضف تعليق

الإعلانات

إنشاء موقع إلكتروني أو مدونة على ووردبريس.كوم