الإعلانات
,

رحلة موريتاني

ذات يوم استيقظ ابن نواذيبو، الحسن، سائق الشاحنة، على قرعات جاره أحمد… مسح وجهه وفتح الباب ليلقى أحمد يعرض عليه توصيل شحنة إلى بني عبّاس.

– بني عبّاس بعيدة يا أحمد!

= لا باس، الطريق ظريفة والفلوس عمرانة…

جهّز الحسن الشاحنة وحمل بطاقته الشخصية وجواز سفره، وسار في طريقه. عبر ساحل المملكة المغربية، ثم دخل الجزائر في اليوم التالي حتى وصل بني عبّاس. وبينما هو يسلّم الشحنة عُرض عليه نقل شحنة ثانية إلى طرابلس، وأحبّ الرحلة ووفرة الربح، فعبر الجزائر ثم تونس، ودخل ليبيَا حتى وصل البحر المتوسط وابنته طرابلس. 

في طرابلس عُرض عليه أن يرافق قافلة شاحنات سائرة إلى سنّار! وما خيّب طلب. وعبروا ليبيَا ومصر حتى دخلوا السودان ووصلوا شرقها حيث سنّار. وفي سنّار بات الحسن ليلة وهمّ يريد العودة إلى نواذيبو، غير أنّ تاجراً سأله: تنقل نقلة لعُمان قبل رجوعك يا شيخ؟

حمّل الشحنة الجديدة وسار عبر إثيوپيا ثم دخل الصومال حتى وصل ميناء بندر بيلا، ومن هناك حمّل شاحنته على سفينة وركب معها بحر العرب حتى وصل ميناء صور العُماني. في صور حمّله تاجر شحنة إضافية وطلب منه توصل الشحنتين إلى البصرة لتنزيلها في الميناء هناك. وما ردّ الحسن الطلب. 

سار فدخل أراضي الإمارات المتّحدة ثم المملكة السُّعُودية ثم الكويت ثم دخل العراق حتّى وصل البصرة. وفيها طُلب منه نقل نقلة جديدة إلى حيفَا وما رفض. عبر العراق حتّى دخل المملكة الأردنية ثم فلسطين حتى وصل حيفا. ومن ميناء حيفا نقل نقلة جديدة إلى حلب، فعبر لبنان وسوريا، ثم طلب منه تاجر حلبي توصيل أغراض إلى الجارة الموصل.

في الموصل طلب منه تاجر جديد نقل بضاعة إلى بخارى وما ردّ الحسن الطلب، فعبر العراق وإيران واستراح ليلة في مشهد، ثم تابع طريقه من إيران عابراً تركمنستان إلى أوزبكستان حتى وصل بخارى. وهناك قرّر الحسن العودة بشاحنته إلى نواذيبو.

في بخارى استوقفه تاجر وقال له: نازل ونازل، أتأخذ معك نقلة إلى هرات؟ وما ردّ الحسن الطلب. فحمل البضاعة وعاد عبر تركمنستان حتى دخل أفغانستان إلى هرات. سلّم الأمانة، ثمّ تابع جنوباً فعبر إيران حتى دخل پاكستان يريد ركوب البحر من گوارد.

في گوادر طلب تاجر من الحسن نقل بضاعة إلى موزامبيق، وما ردّ الحسن الطلب. استأجر سفينة حملته وحملت معه شاحنته والشحنة المشحونة على شاحنته، ونقلته إلى دار السلام في تنزانيا. ومن دار السلام سار حتّى وصل البيرة في موزامبيق. وفي البيرة طلب من الحسن تاجر توصيل بضاعة إلى ميناء غزّة جَنُوب البلاد، وما رفض الحسن.

في غزّة موزامبيق قرّر الحسن متابعة الطريق إلى نواذيبو، فسار شمالاً عابراً زمبابوي وزامبيا وتنزانيا واستراح على ضفاف بحيرة ڤكتوريا، ثم تابع عبر أوغندا وجنوب السودان، ثم السودان حيث استراح في الفاشر… ومن الفاشر نقل شحنة غرباً إلى إنجامينا في تشاد قبل أن يتابع عابراً نيجيريا والنيجر ثم مالي فيستريح في تمبكتو، ثم دخل بلده موريتانيَا من النعمة، وتناول فيها وجبة قبل متابعة المسير شمالاً إلى موطنه نواذيبو.

خريطة رحلة موريتاني

عبر الحسن الموريتاني في رحلته هذه حوالي أربعين ألف كيلومتر ودامت ٣٤ يوم. فتخيّل معي لو كان حدوث هذه الرحلة ممكناً في الواقع، ببطاقة هُوِيَّة واحدة وجواز سفر واحد، وباستعمال لغة واحدة وعملة نقدية واحدة دون تغيير… هذه كانت حال العرب أيّام إمبراطوريّاتهم العظمى، وهكذا يجب أن تعود.

هذه قوّة الدولة العربية الواحدة

الإعلانات

تبرّعك يساعدنا على الاستمرار، ويدعم تطوير هذا المحتوى العلمي

مرة واحدة
شهري
سنوي

تبرّع لمرّة واحدة

تبرّع شهريّاً

تبرّع سنويّاً

اختر المبلغ

€5.00
€15.00
€100.00
€5.00
€15.00
€100.00
€5.00
€15.00
€100.00

دعمك لنا مفيد جداً.

شكراً جزيلاً لدعمك.

نقدر على الاستمرار بفضل دعمك.

تبرّعتبرّعتبرّع

تعليقات

رد واحد على “رحلة موريتاني”

أضف تعليق

الإعلانات

إنشاء موقع إلكتروني أو مدونة على ووردبريس.كوم