دائماً ما تشغل بالي مسألة الكهرباء وقلّة توفّرها في سوريا والعراق ولبنان واليمن، وزاد همّي بالمسألة بعد انهيار منظومة الطاقة الكهربائية في العراق مؤخّراً، بالإضافة إلى التدهور المستمر لتوفّرها في سوريا واليمن. لذا، كرّست أمس السبت للاطّلاع على آخر ما توصّلت إليه الصناعة من تقنيّات علميّة بسيطة لتوليد الطاقة الكهربائية باستخدام طاقة الرياح.

في البداية خطر في بالي حصد طاقة الشمس لكثرة توفّرها في سوريا والعراق. لكن، وجدت بسرعة أنّ حصد الكهرباء من الشمس يحتاج تقنّيّات لا يقدر على كلفتها أغلب الناس، بالإضافة إلى حاجتها للمساحة والصيانة اليومية المستمرّة… لذا، ركّزت دراستي على تقنيّات حصد طاقة الرياح، إذ أنّ هدفي هو توفير حلّ للفرد، لمن لا يقدر ولا حتّى على سداد فاتورة الكهرباء.

من ناحية ثانية، طاقة الشمس متوفّرة نهاراً فقط، وتخزينها يحتاج الكثير من المصاريف، بينما لا تقتصر طاقة الرياح على النهار فقط، ويمكن حصدها ليلاً ولو كانت الليلة من أشدّها ظلمة… المهم هو توفّر الحركة التي تنتج الرياح. وهذه متوفّر في كلّ زاوية من زوايا سوريا والعراق واليمن بسبب الحرارة المرتفعة أغلب العام. إذ تصعد الرياح من الأسفل إلى أعلى بشكل مستمر.

وهنا، وبعد الاطلاع على الكثير من الأجهزة المتوفّرة عالمياً، أعجبني هذا التصميم، الذي يعتمد حرفيّاً على حصد طاقة حركة الهواء الصاعد من الأسفل إلى أعلى. ولا يكتفي بذلك، بل إنّ تصميمه البسيط قادر على تحويل حركة الرياح؛ ومن أيّ اتّجاه كانت، إلى رياح صاعدة من الأسفل إلى أعلى. ولن تضّطرّ إلى تدوير الجهاز ليناسب اتجاه الرياح… المتغيّر باستمرار.

انظر معي الصورة، وهي مخطّط مبسّط رسمته لمقطع عرضيّ في الجهاز.

الغلاف الپلاستيكي باللّون الأخضر يحصد بتصميمه الرياح من كلّ الاتجاهات لتصبّ على شفرة حصد طاقة الرياح من الأسفل نحو الأعلى، فتدور لتدوّر معها مولّدة الكهرباء (اللون البنفسجي) ويساعدها الثقل الموجود في الأسفل (اللون البنّي) على ضبط الحركة واتّزانها فتستمرّ ثابتة مهما تغيّرت سرعات الرياح تقريباً.

الغلاف الپلاستيكي مصمّم بأجنحته بشكل أربع أقمع، وكلّ قمع يكثّف حركة الرياح ويزيد سرعتها بنسبة 40٪ إلى أن تخرج من الفتحة الصغيرة إلى الشفرة، ثمّ تتابع طريقها خارجة من قلب الطربوش إلى أعلى… والطربوش الثاني الخارجي هو غطاء للحماية من مياه المطر لا أكثر.

هذا التصميم تعمل عليه حالياً شركة هَلسيوم Halcium في مدينة سلت ليك Salt Lake City في يوتاه الولايات المتحدة الأميركية. ولم يدخل طور الإنتاج بعد، إذ أنّ الشركة لم تزل تسعى إلى جمع التمويل اللازم… وهنا، لا أرغب بالتخريب على هذه الشركة، فلها سوقها. لكنّني أنشر التصميم الأساسي لفكرة الجهاز عسى أن يقوم السوريّون والعراقيّون واليمنيّون بتطوير أجهزة محلّيّة مبنية على تصميم هَلسيوم ذاته، وبتكاليف قليلة تناسب السوق المحلّي.

الموضوع يحتاج فقط إلى مهندس كهرباء + حدّاد وربّما إلى مهندس عمارة يستبدل الحاجة إلى قالب صبّ پلاستك، أو طابعة مجسّمات ثلاثية الأبعاد متر بمتر.

درستْ الشركة قدرات تصميمها في القاهرة مثلاً ووجدت أنّه قادر على إنتاج حتى 5,3 كيلوواط ساعي، وأعتقد أنّ تصميماً محلّيّاً لن يختلف كثيراً بقدراته، علماً أنّ هذا المقدار يعادل تقريباً حاجة شقّة من الكهرباء في سوريا والعراق ومصر واليمن، وقد يفيض عنها.

يمكن وضع جهاز أو عدّة أجهزة من هذا التصميم على سطح المبنى أو في الحديقة أو على الرصيف أو خارج النافذة… لا ضجيج ولا صوت مزعج سيصدر عنه. وآمن تماماً، إذ ليس فيه قطع خارجيّة تتحرّك فلن يؤذي طفلاً ولا حيوان… وطالما أنّ كلّ بيت وكل محل في سوريا اليوم يحتوي على بطارية واحدة لتخزين الكهرباء على الأقل، فما تحصده هذه المولّدة من طاقة الرياح يبقى محفوظاً لاستخدامه في البيت والمحل والورشة، دون اتّكال على الكهرباء التي قد تأتي عبر الكابلات الحكومية.

آمل أن أجد أجهزة شبيهة تعمل قريباً في سوريا والعراق واليمن ومصر… الكهرباء المجّانية ضرورة العصر، وهذه بلاد لا تتوفّر فيها الكهرباء ولو توفّر ثمنها.

• صفحة هلسيوم الرسمية التي أخذت عنها معلومات الشركة https://www.halcium.com
• صفحة التبرّع لهلسيوم، كي لا أغبن المشروع، وفيها ڤيديو مفيد يشرح طريقة عمل الجهاز https://wefunder.com/halcium
• مقال عن الاختراع على يورونيوز البيئة https://go.monis.net/fAFxQK