الإعلانات
, ,

من مردوقيّين إلى يهود

هذه في اللّوحة إعادة تسجيد للربّ مَردوق معبود آخر ديانة ازدهرت في العراق قبل تحوّل بابل إلى مركز لليهودية، وأحد الأديان التي ازدهرت كذلك بين العرب الموالين لبابل قبل المسيحيّة والإسلام.

كان مَردوق إلهاً من بلاد ما بين النهرين القديمة والإله الراعي لبابل. ولتراثه أثر كبير في التلمود والديانة اليهودية عموماً. ورد ذكره في العبرية الطبريّة بصيغة מְרֹדַךְ التي تُلفظ مِروذَخ Mərōḏaḵ (مِروذَچ). وهو الاسم الذي تعتمده أدبيّات اليوم إلى جانب مردوخ بالعربية وMarduk بالإنگليزية.

هو في السومريّة 𒀭𒀫𒌓 أمَرُتُق أي عجل الشمس، لهذا رُمز له كثيراً بتماثيل العجل الذهبي، التي كانت تكثر في بابل ومعابد الديانة البابلية في ربوع بلادها.

في عهد الملك حَمُّرَبّي 𒄩𒄠𒈬𒊏𒁉 (حمورابي) في القرن 18 ق.م دخلت عبادة مَردوق (أمَرُتُق) پانثيون بابل الرئيسي وصعد ببطئ ليصبح أكبر آلهة الپانثيون، ثمّ صار له معبد خاص باسم إيسَگيله 𒂍𒊕𒅍𒆷 أي المعبد بالرأس الشامخ (راسو مرفوع). وصار المعبد محجّاً للكثير من العرب ولشعوب غرب ووسط آسيا. وكان لمَردوق خمسين من الأسماء الحسنى تمثّل قدراته وصفاته، وربطه الفلكيّون بكوكب المشتري، أكبر كواكب المجموعة الشمسيّة.

أساطير هذا الإله هي التي بدأت فكرة أنّ كبير الآلهة صنع البشر في خدمة الآلهة ولتسليتها ضدّ الملل، وهي الأساطير التي نقلها الإغريق جميعاً، نسخ لصق، لصناعة أساطير جبل الأوليمپ وحكايات الآلهة الإغريقية.

كذلك من أساطير مَردوق (أمَرُتُق) أنّه قهر التنّين وغلبه بعد أن تجسّد بصورة بشر، ثم صار التنّين من حلفائه وخدمه، وهذه الحكاية كانت رمزيّة لتمثيل انتصار الديانة البابلية على ديانة عبدة الثعابين في بلاد النهرين وإيلام.

خلال الألفيّة الأولى قبل الميلاد بدأت بعض قبائل العرب بتقديس مَردوق باسم بعل، و به-إيل، إلى أن حلّ هذا الاسم في مكان اسم مَردوق تماماً.

سنة 689 ق.م في عهد الملك الأشوري سين أحي إيريبه (سنحاريب) خرّب عباد الشمس الأشوريّين معبد إيسَگيله في بابل وأغلقنه عن الصلاة، إخضاعاً لبابل وإعلاناً لتركيز السلطة بالكامل في نينوى. وللضغط على المردوقيّين للتحوّل إلى عبادة الشمس دون العجل.

بعد وفاته أمر ابنه إيسَر حَدّون אֵסַר־חַדֹּן بإعادة بناء معبد إيسَگيله لإعادة مكانة مَردوق كإله لبابل وإعادة الاعتبار لأتباع ديانته وتحرّرهم من الاضطهاد الأشوري، حتّى أنّ إيسَر حَدّون أمر بإعادة صناعة عجل ذهبي للمعبد ليكون رمزاً لمَردوق.

انفرطت الإمبراطورية الأشورية بعد عقود قليلة من وفاة إيسَر حَدّون، ثمّ استعادت بابل استقلالها ومجدها على جميع أراضيها سنة 626 ق.م، هنا تأسّست المملكة الكلدانية التي صارت بابل في عهدها مركزاً للديانة اليهودية، نشأت فيها المعابد والمراكز العلمية، التي ازدهرت فيها دراسات اليهودية وتطويراتها، واستمرّت هذه الفترة من الازدهار اليهودي في بلاد ما بين النهرين حتّى القرن السادس بعد الميلاد، حين هدم الساسان معبد اليهودية الرئيسي في بابل.

في تلك الفترة كُتب التلمود في بابل، وصارت المدينة مرجعية دينية لكلّ اليهود في جزيرة العرب ووسط آسيا وحول المتوسّط، وفي فترة حكم السلوقيّين مناطق مملكة بابل، تحوّلت اليهودية إلى ديانة كتابيّة بالكامل، أي كُتبت شرائعها الشفوية جميعاً، وتوقّف الاعتماد على التواتر، ثمّ من القرن الثاني بعد الميلاد صارت بابل هي المدينة التي تموّل إنشاء المدارس والمعابد اليهودية في الشرق الأوسط، وتدير شؤون اليهود في العالم.

هكذا، من مقارنة التراث التوراتي واليهودي عموماً، في اليهودية والإسلام، بتراث قصص حكايات مَردوق يبدو وكأنّ عبدة مَردوق نفسهم قد تحوّلوا إلى الديانة اليهودية وأسّسوها، بعد تحوّلهم عن عبادة الشمس وعجلها الذهبي إلى عبادة القمر، ثمّ خالق القمر.

الإعلانات

تبرّعك يساعدنا على الاستمرار، ويدعم تطوير هذا المحتوى العلمي

مرة واحدة
شهري
سنوي

تبرّع لمرّة واحدة

تبرّع شهريّاً

تبرّع سنويّاً

اختر المبلغ

€5.00
€15.00
€100.00
€5.00
€15.00
€100.00
€5.00
€15.00
€100.00

دعمك لنا مفيد جداً.

شكراً جزيلاً لدعمك.

نقدر على الاستمرار بفضل دعمك.

تبرّعتبرّعتبرّع

تعليقات

أضف تعليق

الإعلانات

إنشاء موقع إلكتروني أو مدونة على ووردبريس.كوم